الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010

~،‘ أص ـــداء ح ــــيــاة ‘،~

البلياردو /


كنتُ و صديقي في مقهى تقوم على أحد جوانبه مائدة بلياردو , جلسنا نشرب و نتسامر حينما دخل رجلٌ يبدوا عليه النشاط و الشباب رغم الشيب الذي يملأ رأسه . اتجه ناحية مائدة البلياردو و راح يلعب لوحده , تعجبنا من فعله و أخذتنا التفاسير . كان يقذف الكرة و يعود يضربها مرتاً أخرى , لم يخف نشاطه ولا تسلل إليه الملل أو التعب .
قمت فتوجهت صوبه و قلت بأدب : سيدي !. هل تسمح أن ألاعبك فهو أجلب للمتعه ؟
قال بتبرم : بل المتعه أن تلعب لوحدك و الآخرون يتفرجون !.
،،
لم يكن هناك أحد بالمقهى , حتى صديقي اختفى !.




***




الحب الأول /


تريًضت على شاطئ البحر , الجو جميل و الهواء عليله نسماته و الشمس ترسل شعاعها الدافئ فيضفي على الناس مزيداً من التودد
بين يدي كتاب شعر لنزار قباني , قرأت نصه فنهالت عليً الذكريات اللذيذة . انتشلت نفسي قبل أن أغرق فيها فلا أستطيع الإمساك
من بعيد سرقت نظرة لذات القبعه الصفراء تحت الشمسيه الملونه .  ما أجملها و ما أجمل هدوءها . تبدوا وحيده !.
تفكرت و قررت . اللعنة على الذكريات وأوهامها . دفعتني قوة مجهولة للتوجه نحوها . وما إن اقتربت على تخايلت الوجه المليح ,
من ثغرها يصدر الشعاع . أنتِ !. أنت !. غالبتني ذكرى وحيده مبلله بالورد .
من الماء جاء المنادي : ماما
آه من دمعةِ الحرمان . قالت بتودد : الذنب ذنبك !.
أرمق خطواتها تمحق الذكرى خطوةً بخطوة فقلت لنفسي : فرصة العمر راحت يا للخسارة !.




***




قطه /
 
لم أكره شيئ في حياتي بقدر كرهي للقطط . منظرها فقط يولد فيً الخوف و التوجس , أما عينيها فنظرات شيطانٍ رجيم .
صحيح أنني أكره جميع الحيوانات و لكن كرهي للقطط مختلف و شديد جداً . و دائماً أتعجب من محبين هذا المخلوق الأناني المتعجرف .
و حبيبتي تحب القطط . يا لوعة القلب المستعر في أتون التوجس . تقلبني بنظراتها ذات اليمين و ذات الشمال . تعرفني أكثر من نفسي
و دائماً تقول لي : أغمض عينيك تعرف السر !.
أما أنا فلا أحب الكشف عن مكنون خاطري . بالوقت الذي أعرف فيه أنها تسخر منيٍ . و أردد أغنيةً قديمة تقول :

وا شقا قلبٍ تولع له بمزيون ..... حمله شوق الهوا حمولن ثقيلة .

تضحك هي و تقول : العناد مشكلة الرجال !.
أتوجس أنا منها خيفة و أقول لنفسي : ما حيلتي مع هذه القطه الفاتنةِ الساحرة .




***




كرة يد /

 بدايتاً كانت الرياضة مجرد هروب من الدراسة .  و لكن كيف ؟
اللعب في الشارع متعه ما بعدها متعه . و الدراسة سجن و الكتب أفاعي سامه . في المدرسة قالوا لنا ( العقل السليم في الجسم السليم )
لم نفهم من الحكمة السابقة إلا أننا يجب أن نمارس الرياضة أما الشق الأول منها فذهب لمكانٍ قصي بغير رجعه . و كلما غضب أبي عليً لإهمالي دراستي أقول له : الجسم السليم في العقل السليم !.

كرور الزمن علمني أن ما يبدأ صدفة يبقى طويلاً . و ما يبدأ بعد تفكير ينتهي بسرعة .

أيضاً بالمدرسة . جاءنا مدرس التربية البدنية و قال لنا أن فريق كرة اليد بالمدرسة يحتاج إلى تلاميذ يملؤونه . لا أعرف دافعي حينما رفعت يدي أول الرافعين . الطول مناسب , الجسم سليم , الحالة الدراسية لا بأس بها , ضع اسمك . من المدرسة إلى النادي الرياضي
و هكذا بدأت محطة مهمه من محطات حياتي و إلى الآن مستمره .


***


محطة 79 /


في الكويت كانت السِمه المنتشرة بذلك الوقت أن الشباب الكويتي اتٍكالي ولا يعتمد على نفسه رزنامة العجيري الآن تشير لسنة 2003
للتو اكملت الثامنة عشر . انتهاء المرحلة الثانوية يولد غصة فراق و فرح كثير . صحيح أن النسبة المئوية لم تكن كما أطمح لذلك كثير من الأبواب المستقبلية أقفلت صدعيها تلقائياً . ولكن لا يهم الطريق طويل مهما كانت بدايته . و وجه التعليم التطبيقي يناظرني بعين حالمة , أما الجامعة فغرقت ببحر الإنتظار . و الهدف الأساسي من التعليم هو إشباع النقص !.
جمع الأوراق . شهادة الدراسة , شهادة الميلاد صور شخصية و صورة للأب و الأم و صور لوثائق تمنحها الحكومة , أف ما أكره الصور . غير أنني جمعت نسختين من الاوراق , نسخة توجهة بها للتطبيقي و أخرى لشركة البترول . بارقة أمل تلوح في فضائي فالعمل يخرجني من جلباب أبي . و الأهم أنني سأثبت لهم ان الشباب الكويتي يتحمل المسؤولية . ماذا حدث ؟
سرت الأيام كما أشتهي ما بين عمل ليلي و دراسة صباحية . المال وفير و أعباء حياتي أتحملها كافة عن طيب خاطر . و الجلباب الذي أرتديه واسع جداً . و لكني أفقتد لشيئ جلل هو النصيحة !. فتداخل الاوقات كثيراً ما يحدث و أفكر أيهما يأتي على حساب الآخر الدراسة أو الهدف !. مضت سنة ٍ و نصف السنه , حصلت على انذارين لإنخفاض المعدل ثم فرصة أخيرة لكورس ثالث باءة بالفشل .
كرور الأيام علمني أن كل شيئ قابل للتحقيق اذا ما نظمت وقتك . و طردي من الكلية و استقالتي من عملي المؤقت لا ازال أتذكرهم بحنين صادق دون ندم . اما الآن و رزنامة العجيري تنذر بإنتهاء 2010 فاكتفي بعمل واحد مع التنظيم و الحنين !.


***


ألمانيا /

كانت زيارتي الأولى لدول أوروبا متوجهه ناحية ألمانيا . و كنت صغيراً لتسجيل مشاهداتي بسجل الذاكرة . و بعد أكثر من خمسة عشر عام من رحلتي الأولى كانت الرحلة الثانية . الذاكرة متأهبة للتسجيل و العين فاحصة مدققة لكل مشهد يمر أمامها . أول رحلة كانت لكنيسة ماريا شتاينباخ إلتقطت الصور التذكارية بعد التجول على الأقدام . الجو رائع و الحسد منطلق للسماء للفارق الكبير بين جونا كمسلمين و جوهم . فينظر إلى جدي و يقول : على قدر الأجواء تأتي المصائب !. مرت الأيام تطوي بعضها بعضً و اقترب موعد عودتي للوطن الحبيب فقلت لأصحابي يجب أن أذهب برحلة في القطار . و فعلاً فعلنا و كانت رحلة من أمتع الرحلات و لكن حدثً أرق الفرحة حينما كنت في طريق الخروج من باب القطار و أحادث صديقي , فجأة اصطدمت بجبل !. جبل نعم و لكن له يدين و رأس كهيئة البشر . التفت الى الأمام فرأيتني أمام بطن انسان , صعدتُ بنظري للأعلى ..... للأعلى ..... حتى وصلت إلى ملامح تشبه ملامح الوجه من عينين و أنف و فم . ابتسمت و قلت بأدب : sorry ولما لم ينبس بكلمة قلت بنفس الأدب : Es tut mir leid. بمعنى أنا آسف بالألمانيه و لكن الجبل لم يتزحزح أو تتحرك شفتيه . و ما كان منه إلا أن وضع يده على رأسي و عصر مخي حتى بدأت حرارتي ترتفع و كما يفر الشخص اكرة الباب فرً هو رأسي بكل سهولة ثم ازاحني من طريقة كأني ذبابه على أنفه . 
رددت في نفسي بعدها طول الوقت : يا غريب كن أديب  

هناك 6 تعليقات:

آلاء يقول...

لكل خيال واقع ولكل واقع خيال
استمتعت بالقراءة فدام جمال هذا الحرفَ
ولاكن اصطدمت حروفكَ بجدار اليأس
وهاذا مالاينبغي
دام تالق حرفك اخي
بوركت وجذلا لهذا القلم

منصور الفرج يقول...

@@
لا أعلم من أين أتاكِ هذا الشعور
ربما قرأتي بشكل مختلف عن قراءتي و هنا يكمن جمال الكلمات

بوركت أوقاتكِ يا أديبة

غير معرف يقول...

أعشق كلماتك التي تكون جملا حزينه تارة وجملا مليئه بالأمل والسعادة تارة أخرى ..وأحيانا كثيرة نرى اليأس ينبثق من بين السطور.....


انت مبدع جدا في تنقلاتك بين تلك القصص...


دمت بود

منصور الفرج يقول...

لكِ خالص ودي و احترامي

لا يمكن ان تتصوري مدى السعاده التي اشعر بها بقراءة تعليقكِ . . .

شكراً لكِ من القلب

ياحنيني يقول...

اختصارات حياتية بجزئيات رائعة

أتمنى لقلمك التوفيق

تقبل مروري..

منصور الفرج يقول...

أتمنى ان لا تكون هذه آخر الزيارات .

شرف لي هذا المرور